جاء الإسلام دينا شاملا لجميع مناحي الحياة ولذلك نجده لم يغفل عن بعض المبادئ التي من شأنها تحقيق الوفاق بين الناس وتدبير الخلاف مثل مبدأ التفاوض، وكذلك مبدأ التشاور باعتباره الضامن للوصول إلى الرأي السديد والقرار الرشيد. ولكن هناك من يعطل هذه المبادئ ولا يستعملها؛ فيغيب التفاوض مع الخصوم بدعوى عدم فاعليته وضعفه في حل النزاعات، ولا يتشاور مع أهل الرأي والعلم والتجربة باعتبار أنه أعلى من أن يستشير غيره الذي هو أقل منه مرتبة وحكمة. ودرس الرسول صلى الله عليه وسلم مفاوضا ومستشيرا غايته كشف فوائد التفاوض والتشاور ودورهما في رص الصف الداخلي وتقويته وتدبير الاختلاف وتضييقه من خلال عرض نماذج من سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم.

علاقة الدرس بسورة يوسف

النص الأول

تفاوض يوسف عليه السلام مع إخوته كان سببا في قبول الإتيان به والإلحاح على الأب للسماح له بالقدوم معهم. قال الله تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِين فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُون قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُون ﴾

المحور الأول: مبدأ التفاوض في معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم للآخر

تعريف

التفاوض لغة: التباحث
التفاوض اصطلاحا: هو أسلوب من أساليب حل النزاعات بين طرفين مختلفين حول قضايا معقدة.

نماذج من تفاوض النبي صلى الله عليه وسلم

  1. تفاوضه صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش في صلح الحديبية حول قضية دخول المسلمين إلى بيت الله الحرام من أجل القيام بمناسك العمرة . وهذا التفاوض كان بطابع جماعي لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يمثل المسلمين وكفار قريش كان المفاوض عنهم سهيل بن عمرو.
  2. تفاوضه صلى الله عليه وسلم مع عتبة بن ربيعة في شأن ترك الدعوة إلى الله تعالى عند بداية دعوته في مكة حيث عرض عليه المال أو السلطان أو الملك مقابل التخلي عن الدعوة ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم رفض ذلك جملة وتفصيلا. وهذا التفاوض كان بطابع فردي لأنه يمثل شخص الرسول صلى الله عليه وسلم .

مميزات تفاوض الرسول صلى الله عليه وسلم

  1. المرونة في التفاوض وعدم الاهتمام بالشكليات؛ كما وقع أثناء عقد صلح الحديبية عندما رفض سهيل بن عمرو كتابة بسم الله الرحمن الرحيم واستبدالها باسمك اللهم، ورفضه كتابة محمد رسول الله وبدل منها كتابة محمد بن عبد الله، فقبل لرسول صلى الله عليه وسلم لأنه اعتبر هذه الأمور شكلية لا تؤثر على مضمون الصلح.
  2. الحكمة بوضع القوة في موضعها واللين في موضعه؛ فنجده قبل بنود الصلح ولكن عندما شاع خبر وفاة عثمان أمر الصحابة ببيعة الرضوان لكي يعلم الخصم أنهم أقوياء أعزاء غير أذلة.
  3. تقوية الصف الداخلي وإرباك الخصوم؛ من خلال حث الصحابة على بيعة الرضوان وإرباك الخصم من خلال استمالته للحليس بن علقمة أحد سادة قريش الذي كان يعظم بيت الله الحرام فأظهر له الهدي المخصص لبيت الله وأنه جاء معتمرا لا نية له في انتهاك بيت الله الحرام.

ما يجب معرفته

نخلص إلى أن التفاوض أسلوب من أساليب حل النزاعات بين طرفين مختلفين حول قضايا معقدة، قام به النبي صلى الله عليه وسلم مع المخالفين له وامتاز تفاوضه صلى الله عليه وسلم بالمرونة والابتعاد عن التطرق للشكليات والحكمة وتقوية الصف الداخلي وإرباك الخصوم.

المحور الثاني: إعمال مبدأ الشورى في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم

لمواصلة هذا الملخص، قم بالتسجيل بالمجان في كيزاكو

النسخة المجانية لكيزاكو:
  • ملخصات الدروس غير محدودة
  • فيديو مجاني في كل درس
  • تمرين مصحح مجاني
  • اختبار تفاعلي
إنشاء حساب مجاني
Signaler une erreur
Signaler une erreur