تهتم البنيوية بدراسة مختلف العناصر التي من خلال تكامل يساهم في إقامة نظام بنية شيء ما.
فيما يخص الدراسة البنيوية للغة فإننا أمام منهج يدرس اللغة في ذاتها داخليا مع الغاء كل الجوانب الخارجية وذلك لرصد العلاقات التي تحكم هذا النظام بمختلف مستوياته (الصوتي، التركيبي، الدلالي)
النص مقالة فكرية تدخل في إطار النصوص النظرية التي تطرقت لموضوع المنهج البنيوي لدراسة اللغة والأدب وكيفية اشتغاله أما مصدرها فهو "نظرية البنائية في النقد" للكاتب المصري صلاح فضل المهتم بمجال النقد الأدبي.
ماهي مقومات المنهج البنيوي وكيفية اشتغاله على النصوص الأدبية؟
ما هي الطريقة التي اعتمدها صلاح فضل في التعبير عن ذلك؟
ركب العنوان تركيبا اسميا ليدل على مختلف عناصر ومراحل بناء نص أدبي.
بنية اللغة هي مجرد تصور تجريدي برموز معينة
نفترض أن النص سيتطرق إلى بنية اللغة وكيفية هذه الدراسة.
من خلال ما سبق ندرك أن النص تطرق إلى قضية الدراسة البنيوية للنصوص الأدبية والتي تفرعت عنها قضايا أخرى:
للتعبير عن بينة النص اعتمد الكاتب على مجموعة من الحقول الدلالية:
حقل الجانب الشكلي | حقل الجانب الموضوعي |
هيكل عظمي، مبادئ التكرار والقوالب، الطابع الشكلي. | البنية، عناصر الموضوع، الدلالة الرمزية، المستوى الدلالي. |
العلاقة بين الحقلين علاقة ترابط وتكامل دلالة على أن دراسة بنية النص الأدبي تقتضي دراسة الشكل والموضوع.
لتقوية فكرته اعتمد الكاتب على بنية حجاجية ارتكزت على ثلاث نقط:
الاعتماد على تصميم محكم وفق منهج استنباطي انطلق من الحديث عن البنية بشكل عام عن البنية اللغوية والأدبية ثم التفصيل في جزئيات الدراسة البنيوية فجاء النص كالتالي:
فيما يخص البنية اللغوية فقد هيمن عليها الأسلوب الخبري الذي اقترن في الغالب بأدوات التوكيد، إلى جانب أسلوب الشرط وأسلوب الحصر .
يرتبط انسجام النص بالسياق الخارجي حيث يقوم المتلقي بعمليات ذهنية تستحضر معارفه والمعارف المرتبطةبمضمون النص. أما استحضار الخلفية المعرفية وعمليات بنية أخرى ترتبط بالأشكال والنماذج والصور البنائية التي تيسر فهم النص فهذا ما يسمى بالخلفية التنظيمية.
- الخلفية المعرفية: هي المخزون المعرفي الذي يمتلكه القارئ ومنه نختار ونستحضر ما ما يتقاطع مع مضمون نص مما يساعده مدى تحقق انسجام النص.
الخلفية التنظيمية: مختلف تمثلات المتلقي لكل نمط من أنماط الخطاب والاطارات المنظمة لانتاج النصوص ومن خلالها ندرك نوعية النص.
النص مقالة فكرية نقدية تدخل في اطار المنهج البنيوي، والذي يدرس الأدب واللغة من الزاوية البنيوية
ويعود النص للناقد محمد مفتاح وهو مقتطف من كتابه "تحليل الخطاب الشعري"
ماهي القايا البنيوية التي سيناقشها؟ وكيف عرض أفكاره؟
للاجابة عن هذه التساؤلات نبدأ من العنوان، الذي ركب تركيبا اسميا يدل على هيكل وتصميم وشكل الشيء من خلال مصطلح البنية المضافة الى التوتر الدال على التأزم
نفترض أن الناقد سيحدد بنية نص ما، وهذا ما تؤكده البداية حيث تضمنت الشروع في دراسة بنية بيت شعري. وبالعودة الى النص فقد بسط الناقد مادة الاشتغال وهي عبارة عن بيت للشاعر "ابن عبدون" يتعجب فيه من كثرة البكاء رغم أن الزمان لا يتوقف عن افجاعنا. ولقد ركز الناقد على دراسة بنية هذا البيت للتوصل إلى أن حروفه تشاكلت مع مضمونه، ويستدل على ذلك بالحروف الحلقية (ح،أ،ع،ه) التي ترتبط بالحزن والزجر وهما المعنيان اللذان تضمنهما البيت الشعري.
إلى جانب ذلك يشير إلى الوظيفة الهندسية لتلك الحروف، ومن جهة أخرى يفسر حركة الكسرة – وفق الدراسات النفسية اللغوية – بانعدام اللطف والجدية والعزم في معنى البيت الشعري المدروس.
كما أن هناك سرعة في الصدر دلالة على قوة بطش الدهرفي حين كان العجز بطيئا دلالة على استمرارية هذا البطش. لينتقل بعد ذلك إلى المستوى المعجمي ليشير الى حضور مبدأ التداعي حيث العين دعت الأثر والأشباح استدعت الصور ليصل إلى دراسة المستوى التركيبي مبينا مخالفة النص لقواعد اللغة العربية إذ كانت رتبة الفاعل قبل الفعل (الدهر يفجع) باعتبار الدهر هو موضوع البيت الشعري من الدرجة الأولى بينما كان الشطر الثاني انشاء طلبيا خرج عن معناه الطبيعي ليفيد الزجر بالنهي ، وهذا ما يدل على وجود توتر وصراع بين الشاعر والمتلقي من جهة وبين الانسان والدهر من جهة أخرى، أضف إلى ذلك أن فعل أفجع جاء من غير مفعول به دلالة على الأطلاق، اطلاق فعل التفجيع الذي يقوم به الدهر دون استثناء أحد.
وهكذا يتضح أن الناقد درس البيت الشعري من الجانب البنيوي، حيث بدأ من الجانب الصوتي مرورا بالجانب الدلالي والمعجمي وصولا ألى المستوى التركيبي ، وبالتالي فقد تطرق الناقد الى دراسة نقديةلبيت شعري وبالضبط لبنيته وتفرعت هذه الدراسة غلى قضايا فرعية : دراسة المستوى الصوتي وعلاقته بالمستوى الدلالي .
للاشتغال على هذه الدراسة اعتمد الناقد على حقول دلالية:
* حقل دال على البنية : المعجم، علاقة الصوت بالمعنى، مستوى التركيب..
* حقل دال على المضمون: الحزن والزجر، أفعال الدهر، الايحاءات...)
وهما حقلان دخلا في علاقة ترابط بينهما وانسجام دلالة على أن البنية الشكلية لهذا البيت الشعري قد تناغمت مع مضمونه.
لتعزيز طرحه، اعتمد محمد مفتاح بنية حجاجية تمثلت في مجموعة من الأساليب والحجج إلى جانب طريقة مدروسة لعرض أفكاره.
من حيث الأساليب: نجده يقوم بالمقارنة بين ينية البيت الشعري ومضمونه للتوصل إلى تشاكلهما، كما أنه قارن داخليا بين الصدر والعجز إلى جانب الشرح والتفسير، إذ شرح دلالة الحروف الحلقية (أ، ه، ع، ح)مع التفصيل في ذلك وغيره من الأفكار الجزئية كتفسير قلة الحركة الكسرية في البيت الشعري، كما ناقش مجموعة من القضايا الجزئية كمناقشته لمخالفة المستوى التركيبي لقواعد اللغة العربية المتعارف عليها. كما اعتمد أسلوب التعريف كتعريفه للشعر بكونه عبارة عن تشاكا وتباين. وأثناء حجاجه هذا كان يدعم طرحه بمجموعة من الحجج والأدلة كاستدلاله على معاني الحروف الحلقية بالاستشهاد من المصادر المعجمية دون أن يذكر هذه المصادر بالاسم، إلى جانب ذكره لقواعد اللغة العربية المعروفة. كما نجده، وأثناء توظيفه للشرح المنطقي العقلي، يستحضر حججا علمية من مجالات أخرى (الدراسات النفسية اللغوية).
تميزت طريقة العرض فقد بدأ من العام الى الخاص وهو منهج استقرائي، حيث بدأ من المتوى الصوتي وفي الأخير الى المستوى التركيبي ليخلص إلى خلاصة نهائية وهذا ساهم في حصول انسجام بين النص وبنيته. إلى جانب كل هذا، لا بد من الاشارة إلى طريقة الناقد مع المتلقي حيث كان يحسن التواصل معه من خلال اشراكه في هذه الدراسة (لنبدأ، سنشرح...) الشيء الذي ساهم في تقوية الجانب الحجاجي والذي ازداد قوة بأدوات التوكيد (إن تكرار – إن الرتبة الطبيعية – ومهما يكن فإن...).
يرتبط الجانب الحجاجي والاقناعي بالكاتب اي بالخطة الحجاجية التي اعتمدها والمنهجية التي سار عليها لتحقيق الاقناع والتأثير في المتلقي ولكي يتحقق هذا الاقناع فان الكاتب يعتمد على مايلي :
وهو نوعان استنباطي او استقرائي
اي ان الكاتب او الناقد يعتمد على امثلة وأقوال لكتاب ومفكرين او علماء او رجال دين او كتب مقدسة دينية ..لكي يؤكد بها وجهة نظره كما قد يستحضر مقاطع من رواية او قصة او قصيدة شعرية للاستدلال على اطروحته .
لمواصلة هذا الملخص، قم بالتسجيل بالمجان في كيزاكو