تعريف

إن المعرفة بشكل عام مرتبطة بالعمل البشري لأنها تشكل ذلك الامتداد الفكري والتخطيط النظري له، والمعرفة هي فعالية الإنسان الذي يعيش في العالم كمعطى طبيعي لذلك يسعى إلى فهم وتحليل ووعي القوانين التي تحكمه وتوجه سلوكه لذلك يتوجب علينا الآن التمييز بين المعرفة العلمية التي تعتمد القياس والتجارب وتستعين بالآلات الدقيقة التي تكشف للإنسان عما يعجز عن بلوغه بحواسه، والتي تخضع للنقد الصارم والمراجعة المتواصلة وبين المعرفة العامية الحسية التي بإمكان مطلق الناس الحصول عليها بواسطة حواسهم وعقولهم وخبراتهم اليومية، وهذه إحدى المشاكل التي شغلت الفلاسفة منذ اليونان والمتعلقة بقيمة ما تمدنا به الحواس وما يدلنا عليه العقل وعلاقة العقلي بالحسي، بل علاقة الذات بالموضوع ومدى موضوعية العالم الخارجي.

إن بعض هذه المسائل قد أثيرت في العلم ذاته (الميكروفيزياء) وهذه هي إحدى القضايا الرئيسية التي تهتم بها نظرية المعرفة التي عجلت بقيام الابستمولوجيا كعلم مستقل، أي نظرية المعرفة التي تختص بالبحث في إمكانية قيام معرفة ما عن الوجود بمختلف أشكاله ومظاهره، (أنواع المعرفة كلها) ومن البحث في هذه القضايا وأمثالها تفرعت المذاهب الفلسفية ( المذهب الشكي، المذهب العقلي، المذهب الحسي أو التجريبي، المذهب الحدسي) أما الابستومولوجيا فهي تهتم بالمعرفة العلمية وحدها، هي الدراسة النقدية لمختلف النتائج التي تتوصل إليها العلوم وعليه تكون الابستومولوجيا هي التفكير الفلسفي في العلم ومما تجدر الإشارة إليه أن الابستومولوجيا تبحث أيضا في مسألة تصنيف العلوم ( ابستومولوجيا الرياضيات، ابستومولوجيا الفيزياء، ابستومولوجيا العلوم الإنسانية والاجتماعية...)

إن بنية المعرفة العلمية تطرح مسألة إنتاجها والعلاقة التي تقوم بين الذات والموضوع وبين العقل العالم ومعطيات الواقع وهذا يضعنا أمام إشكالات التحديد الدقيق للواقعة العلمية. فكيف يمكن تمثل النظرية العلمية كنسق فرضي استنباطي لوصف الوقائع وتفسيرها؟ ما هي المعرفة؟ ما هي بنيتها وكيف تنتج؟ كيف تكون ممكنة؟ كيف يمكن التمييز بين التصورات الفلسفية والعلمية بهذا الصدد؟ هذا بالضبط ما سنتناوله في هذه المجزوءة من خلال مفاهيم النظرية، التجربة، المنهج التجريبي،العقلانية، العلوم الإنسانية

إشكالية المجزوءة

كيف تتأسس المعرفة الإنسانية؟ وما دور كل من النظرية والتجربة في بناءها؟ وما الذي يميزها إن كانت معرفة للخطاب العلمي ؟ ثم، إذا كانت كل معرفة تسعى إلى بلوغ الحقيقة، فما طبيعتها ودلالاتها؟

ما يجب معرفته

إن المعرفة العلمية ليست تراكما لمعارف ، ولا تركيبا لاستنتاجات وملاحظات غير منتظمة. فقد تمكن العلماء بفضل مجهوداتهم الفكرية الكبيرة والمستمرة من بناء معرفة منظمة ومتميزة مؤسسة على بناء منطقی فرضي استنباطي اسمه النظرية، كما هي مؤسسة على التجريب والتجربة العلمية. ورغم هذا التميز الذي يسم المعارف والنظريات العلمية، فإنها غير ثابتة وخالدة، بل متغيرة ومتجددة، مما يستدعي إعادة قراءتها وانتقادها قصد تصنيفها، ومن ثم فقد أصبحنا نسمع بعلم كلاسيكي قائم على أسس عقلانية كلاسيكية وعلم معاصر قائم على أسس عقلانية معاصرة، كما أصبحنا نتحدث عن المعايير والضوابط التي يمكن أن نحكم من خلالها على مدى صدق وصلاحية النظريات العلمية. فهل هناك علاقة بين التجربة والتجريب؟ وهل القول بأهمية التجريب في المعرفة العلمية هو إقصاء لدور العقل؟وما هي خصائص العقلانية العلمية وحدودها؟ ثم ما هي معايير علمية النظريات العلمية؟

مفهوم النظرية و التجربة :التقديم

من الملاحظة العينية المباشرة لكل من مفهومي النظرية والتجربة تشير إل طبيعة الاختلاف القائم بين المفهومين :فالنظرية مقترنة بالتفكير والتأمل في حين التجربة مرتبطة بالممارسة والواقع،النطرية تنتمي للعقل بينما التجربة تنتمي إلى الواقع ومن هنا كان يلوح ذاك السؤال حول علاقة الفكر بالواقع .

غير أن الحديث عن المفهومين في ظل الممارسة العلمية باعتبارهما الوسيلتين الأساسيتين في محاولاتها لتفسير ظواهر الكون جعل من طبيعة العلاقة بين المفهومين تتسم بالتعقيد والتداخل،فقد تجاوز العالم مرحلة الاختلاف إلى مرحلة التكامل والتحاور.

يحمل مفهوم النظرية في التمثل المشترك معاني القول والحكم والرأي، والنظرية حسب هذا التمثل تكون إما سلبية أو إيجابية، سلبية إذا لم يسندها الفعل والعمل وإيجابية إذا تحولت إلى أداة للفعل والعمل وجلب المنافع، وبهذا يتبين أن التمثل المشترك ازدرى التنظير واحتقره، مما يبرز مدى قصوره ومحدودية أفقه، أما في الدلالة الفلسفية اعتبرها "لالاند" بمثابة "إنشاء تأملي للفكر،يربط نتائج بمبادئ"، ليستخلص من هذا التعريف أن النظرية عقلية، وبذلك فهي تتقابل مع الممارسة والتطبيق.

أما مفهوم التجربة فيحمل في التمثل المشترك معاني الإحتكاك والإرتباط بالواقع التي تسمح للفرد، باكتساب خبرة معينة في مجال معين، (تدريس، بناء......) أما في المجال العلمي فتعني القيام بخطوات منظمة من طرف العالم لإستنباط القوانين المتحكمة في الظاهرة المدروسة .

وقد تمكن العلماء،بفضل مجهوداتهم الفكرية الكبيرة والمتواصلة،من بناء معرفة ونظريات علمية.وهي معرفة متميزة عن المعرفة العامية والتمثل المشترك،فإذا كانت المعرفة الأولى تنتج هن التجربة الحسية المباشرة وعن الخبرة الذاتية،فإن المعرفة الثانية وليدة التجربة العلمية والتجريب بمعناه العلمي .لكن رغم هذا التميز الذي تتصف به المعرفة العلمية عن المعرفة العامية فهي لا تتميز بالدوام والاستمرارية،بل إنها قابلة للتغير والفناء،فالعلم لا يسير في خط تصاعدي مستقيم بل تحدث فيه مجموعة من الرجات والأزمات،فالعلم كما يقول "غاستون باشلار" هو "تاريخ أخطائه وأزماته وقطائعه" الأمر الذي دفع بالعلماء إلى إعادة قراءة المعارف والنظريات العلمية وانتقادها قصد تصنيفها،فأصبحنا نتحدث عن علم كلاسيكي قائم على مبادئ وأسس عقلانية كلاسيكية ( ديكارت مثلا) وعن علم معاصر قائم على أسس عقلانية معاصرة ( باشلار مثلا ) .وأصبحنا نتحدث كذلك عما يجعل من النظريات العلمية تتميز بصفة العلمية،أي عن المعايير التي يمكن أن نعرف من خلالها مدى صحة وصدق النظريات العلمية

إشكالية المفهوم

الحديث عن التجربة يجعلنا نتساءل:هل المراد بها التجربة الخام المتمثلة في معطيات الواقع التي على العالم ملاحظتها بدقة والإصغاء إليها بأمانة وبدون أية أحكام مسبقة،أم المقصود بها التجربة المصطنعة التي تتم في ظروف ووفق شروط محددة مسبقا بالنظرية نفسها المراد التأكد من صحتها ؟ ما الفرق بين التجربة والتجريب ؟ وعلى ماذا تتأسس النظرية العلمية ؟ ما دور كل من العقل والتجربة في بلورة النظرية العلمية ؟ وما هي معايير التأكد من صحة وصدق النظريات العلمية ؟

ما يجب معرفته

يسعى الإنسان إلى معرفة الظواهر وتفسيرها بالاعتماد على العقل كقدرة على التفكير والتأمل من جهة، وعلى الحواس كواسطة بينه وبين الواقع من جهة أخرى. وهو ما يطرح إشكالية  علاقة العقلي النظري بالواقعي التجريبي في بناء المعرفة العلمية.

فما المقصود بالنظرية والتجربة؟

وما خصائص العقلانية العلمية؟ وما الذي يضفي العلمية على النظرية ؟

تعريف

مفاهيم ومصطلحات مفهوم النظرية والتجربة:
مفهوم النظرية : انشاء تاملي للعقل يربط نتائج بمبادئ ويقابلها بما هو ملموس( النظرية النسبية،نظرية الوراثة...)

مفهوم التجربة : مجموع التعلمات التي يكتسبها الفرد من الحياة بشكل تلقائي وهي غير قابلة للتكرار

مفهوم التجريب : اخضاع الملاحظة والفرضية لشروط اختبار مقصودة وهي قابلة للتكرار

مفهوم العقلانية العلمية : اتجاه يعطي الاولوية للعقل في دراسة الموضوعات العلمية بشكل منظم من خلال التصنيف و القياس..

مفهوم المعايير العلمية : صفة او خاصية تسمح بالحكم على مدى علمية هذه المعرفة او تلك

مفهوم القانون : علميا يعبر عن نظام محدد من الروابط السببية والضرورية المستقرة بين الظواهر

مفهوم المبدأ : مجموعة من القوانين واساس نظام ظاهرة من الظواهر

مفهوم المعرفة العلمية : معرفة تمثل نتاجا لمنهج دقيق يتميز بالموضوعية والصرامة المنطقية

مفهوم الاستقراء : عملية استدلالية ينتقل فيها العقل من ماهو خاص الى ما هو عام

مفهوم الاستنباط :عملية استدلالية ينتقل فيها العقل من ماهو عام الى ما هو خاص

مفهوم اليقين : حالة العقل الذي يتبين فيها بشكل صارم ما يحكم عليه بانه صادق

مفهوم النسق : جملة من الافكار العلمية او الفلسفية المتماسكة منطقيا

مفهوم التجريبية : مذهب فلسفي يرى ان كل معرفة ومهما بلغت من تجريد لابد ان تصدر اساسا عن التجربة الحسية

مفهوم العقلانية : مذهب فلسفي يرى ان كل معرفة ومهما بلغت من تجريد لابد ان تصدر اساسا عن العقل

مفهوم الوضعية : مذهب فلسفي يقترح التخلي عن كل مقاربة ميتافزيقية للواقع والاقتصار على الدراسة الوضعية العلمية للواقع وفق القوانين المتحكمة فيه واستبدال السؤال لماذا بالسؤال كيف

المحور الأول: التجربة والتجريب

لمواصلة هذا الملخص، قم بالتسجيل بالمجان في كيزاكو

النسخة المجانية لكيزاكو:
  • ملخصات الدروس غير محدودة
  • فيديو مجاني في كل درس
  • تمرين مصحح مجاني
  • اختبار تفاعلي
إنشاء حساب مجاني
Signaler une erreur
Signaler une erreur